الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
وعنه: أَنَّه يتحرَّى، فإن لم يكن له رأي بنى على اليقين. وقال أبو حنيفة: إن كان ذلك أوَّل مرَّة بطلت صلاته، وإن تكرَّر منه تحرَّى، فإن لم يكن له ظنٌّ بنى على اليقين. لنا على أنَّه يبني على اليقين حديثان: 965- الحديث الأوَّل: قال التِّرمذيُّ: ثنا محمد بن بشَّار ثنا محمد بن خالد ثنا إبراهيم بن سعد قال: حدَّثني محمد بن إسحاق عن مكحول عن كريب عن ابن عباس عن عبد الرَّحمن بن عوف قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر أواحدة صلَّى أو اثنتين؟ فليبن على واحدة، فإن لم يدر أثنتين صلَّى أو ثلاثًا فليبن على اثنتين، فإن لم يدر ثلاثًا صلَّى أو أربعًا؟ فليبن على ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلِّم". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. ز: وروى هذا الحديث الإمام أحمد وابن ماجه وأبو يعلى الموصليُّ والحاكم بنحوه من حديث ابن إسحاق. ورواه إسماعيل المكيُّ عن الزُّهريِّ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس: 966- قال الهيثم بن كليب الشَّاشيُّ: ثنا العباس الدُّوريُّ ثنا محمد بن عبد الله ثنا إسماعيل المكيُّ عن الزُّهريِّ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: كنت أذاكر عمر شيئًا من الصَّلاة، قال: فأتانا عبد الرَّحمن بن عوف فقال: ألا أحدِّثكما حديثًا سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: قلنا: بلى. قال: أشهد شهادة الله لسمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا كان أحدكم في شكٍّ من النُّقصان في صلاته، فليصلِّ حتى يكون في شكٍّ من الزِّيادة". 967- قال الهيثم: وثنا أبو حاتم الرَّازيُّ محمد بن إدريس ثنا الأنصاريُّ ثنا إسماعيل عن الزُّهريِّ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: حدَّثني عبد الرَّحمن بن عوف أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا شكَّ أحدكم في صلاته فلا يدري ثلاثًا صلَّى أم أربعًا؟ فليصلِّ ركعة ثُمَّ ليسجد سجدتين". ورواه إسحاق بن راهويه عن عبد الرَّزَّاق عن ابن المبارك عن إسماعيل ابن مسلم. وسئل الدَّارَقُطْنِيُّ عنه، فقال: رواه إبراهيم بن سعد ومحمد بن سلمة وعيسى بن عبد الله الأنصاريُّ وطلحة بن زيد عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن كريب عن ابن عباس عن عبد الرَّحمن بن عوف. ورواه حمَّاد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن مكحول مرسلاً، وكذلك سمعه محمد بن إسحاق عن مكحول مرسلاً. ورواه إسماعيل بن عُليَّة وعبد الله بن نمير وعبد الرَّحمن المحاربيُّ عن محمد بن إسحاق عن مكحول مرسلاً، وعن محمد بن إسحاق عن حسين بن عبد الله عن مكحول عن كريب عن ابن عباس عن عبد الرَّحمن. فضبط هؤلاء الثَّلاثة عن ابن إسحاق المرسل والمتَّصل. وروى هذا الحديث الزُّهريُّ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، حدَّث به عنه إسماعيل بن مسلم المكيُّ وبحر السَّقَّاء. ورواه محمد بن يزيد الواسطيُّ واختلف عنه: فرواه إسماعيل بن هود عنه عن ابن إسحاق عن الزُّهريِّ. ورواه إسحاق بن بهلول عن عمَّار بن سلام عن محمد بن يزيد عن سفيان ابن حسين. وكلاهما وهمٌ. ورواه أحمد بن حنبل عن محمد بن يزيد على الصواب: (عن إسماعيل ابن مسلم عن الزُّهريِّ) فرجع الحديث إلى إسماعيل بن مسلم، وإسماعيل ضعيفٌ. انتهى كلام الدَّارَقُطْنِيِّ. 968- وفي " مسند الإمام أحمد ": ثنا إسماعيل ثنا محمد بن إسحاق حدَّثني مكحول أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا صلَّى أحدكم فشكَّ. " فذكره، قال محمد بن إسحاق: وقال لي حسين بن عبد الله: هل أسنده لك؟ فقلت: لا. فقال: لكنَّه حدَّثني أنَّ كريبًا مولى ابن عباس حدَّثه عن ابن عباس قال: جلست إلى عمر بن الخطاب. فذكر الحديث. وحسين بن عبد الله: تكلَّم فيه غير واحدٍ O. 969- الحديث الثَّاني: قال أحمد: ثنا يونس بن محمد ثنا فليح عن زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدريِّ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا شكَّ أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلَّى؟ فليبن على اليقين، حتى إذ استيقن أن قد أتمَّ فليسجد قبل أن يسلِّم، فإنَّه إن كانت صلاته وترًا شفعها، وإن كانت شفعًا كان ذانك ترغيمًا للشَّيطان". انفرد بإخراجه مسلمٌ. ولنا على أنه يتحرَّى: 970- ما روى أحمد: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا شكَّ أحدكم في صلاته فليتحرَّ الصواب، فإذا سلَّم فليسجد سجدتين". أخرجاه في " الصَّحيحين". ولنا على أنَّ صلاته لا تبطل: ما تقدَّم من الأحاديث. ز: المشهور في مذهب الإمام أحمد: أنَّ المنفرد يبني على اليقين، والإمام يبني على غالب ظنِّه للجمع بين الأحاديث، ومن جهة المعنى: أنَّ الإمام له من ينبهه ويذكِّره إذا أخطأ، فيتأكد عنده صواب نفسه، ولأَنَّه إن أصاب أقرَّه المأمومون، وإن أخطأ سبَّحوا به فرجع إليهم، فيحصل له الصَّواب في الحالين، بخلاف المنفرد ليس له من يذكِّره فيبني على اليقين، ليحصل له إتمام صلاته. هذا اختيار الخرقيِّ. والقول بالبناء على اليقين مطلقًا اختاره أبو بكر عبد العزيز، وروي عن ابن عمر وابن عباس وابن عَمرو وغيرهم، وهو قول ربيعة ومالك والثَّوريِّ والأوزاعيِّ والشافعيِّ وإسحاق، وروي عن أحمد. والقول بالبناء على غلبة الظَّن مطلقًا رواه الأثرم عن أحمد، وروي عن عليِّ بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنه، وهو قول النَّخعيِّ O.
وعنه: أنَّ الكل قبل السَّلام، وهو قول الشَّافعيِّ. وعنه: إن كان من نقصان كان قبل السَّلام، وإن كان من زيادة كان بعد السَّلام، وهو قول مالك. وقال أبو حنيفة وداود: كلُّه بعد السَّلام. فإذا دللنا على أبي حنيفة، فلنا سبعة أحاديث: 971- الحديث الأوَّل: قال التِّرمذيُّ: ثنا قتيبة ثنا الليث عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بن بُحَيْنَةَ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام في صلاة الظُّهر وعليه جلوس، فلمَّا أتمَّ صلاته سجد سجدتين، وكبَّر في كلِّ سجدة وهو جالسٌ قبل أن يسلِّم، وسجدهما النَّاس معه مكان ما نسي من الجلوس. أخرجاه في " الصَّحيحين". الحديث الثَّاني: حديث عبد الرَّحمن بن عوف. والثَّالث: حديث أبي سعيد الخدريِّ. والرَّابع: حديث ابن مسعود. وقد تقدَّموا بأسانيدهم. 972- الحديث الخامس: قال التِّرمذيُّ: وثنا محمد بن يحيى ثنا محمد ابن عبد الله الأنصاريُّ قال: أخبرني أشعث عن ابن سيرين عن خالد الحذَّاء عن أبي قِلابة عن أبي المهلَّب عن عمران بن حُصين أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بهم فسهَا، فسجد سجدتين، ثُمَّ تشهَّد، ثُمَّ سلَّم. ز: ورواه أبو داود عن محمد بن يحيى، ورواه الحاكم وقال: على شرطهما. وأشعث هو: ابن عبد الملك الحُمرانيُّ، قال يحيى القطََّان: هو عندي ثقةٌ مأمونٌ. ووثَّقه يحيى بن معين والنَّسائيُّ وغيرهما، ولم يخرِّجا له في " الصَّحيحين". وقال البيهقيُّ: تفرَّد بهذا الحديث أشعث الحُمْرانيُّ، وقد رواه شعبة ووهيب وابن عُليَّة والثَّقفيُّ وهُشيم وحمَّاد بن زيد ويزيد بن زُريع وغيرهم عن خالد الحذَّاء، لم يذكر أحدٌ منهم ما ذكره أشعث عن محمد عنه. ورواه أيوب عن محمد قال: أخبرت عن عمران. فذكر السَّلام دون التَّشهُّد. وفي رواية هُشيم ذكر التَّشهُّد قبل السَّجدتين، وذلك يدلُّ على خطأ أشعث فيما رواه O. 973- الحديث السَّادس: قال التِّرمذيُّ: وثنا قتيبة ثنا الليث عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ الشَّيطان يأتي أحدكم في صلاته فيَلْبِسُ عليه، حتى لا يدري كم صلَّى؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجدْ سجدتين وهو جالسٌ". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. ز: ورواه أبو داود وابن ماجه، وفيه: "فليسجد سجدتين قبل أن يسلِّم". وهو لبقيَّة الجماعة إلا قوله: (قبل أن يسلَّم) O. 974- الحديث السَّابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا عبد الله بن شبيب قال: حدَّثني ذؤيب بن عمامة ثنا عبد المهيمن بن عباس عن أبيه عن جدِّه عن المنذر بن عمرو أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد سجدتي السَّهو قبل التَّسليم. ذؤيب وعبد المهيمن: ضعيفان. ز: وعبد الله بن شبيب: ضعَّفه غير واحد O. قال أصحاب أبي حنيفة: نعارض أحاديثكم بستَّة أحاديث: الحديث الأوَّل: حديث ذي اليدين، وأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد بعد السَّلام وقد سبق في رواية أبي هريرة وعمران. 975- الحديث الثَّاني: قال التِّرمذيُّ: ثنا إسحاق بن منصور ثنا عبد الرَّحمن بن مهديٍّ ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى الظُّهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصَّلاة؟ فسجد سجدتين بعد ما سلَّم. أخرجاه في " الصَّحيحين "، وفي لفظٍ متَّفقٍ عليه: سجد بعد السَّلام والكلام. 976- الحديث الثَّالث: قال أحمد: ثنا حمَّاد بن خالد ثنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة قال: سجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجدتي السَّهو بعد السَّلام. 977- الحديث الرَّابع: قال أحمد: وثنا حجَّاج قال: قال ابن جريج أخبرني عبد الله بن مسافع أنَّ مصعب بن شيبة أخبره عن عقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من شكَّ في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلِّم". 978- الحديث الخامس: قال أحمد: وثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن عبيد الله بن عبيد الكَلاعيِّ عن زهير عن عبد الرَّحمن بن جبير عن أبيه جبير بن نفير عن ثوبان عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لكلِّ سهوٍ سجدتان بعدما يسلِّم". 979- الحديث السَّادس: قال أحمد: وثنا عبد الرَّزَّاق أنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الشَّعبيِّ عن المغيرة بن شعبة أنَّه قام في الرَّكعتين الأوليين فسبَّحوا به فلم يجلس، فلما قضى صلاته سجد سجدتين بعد التَّسليم، ثُمَّ قال: هكذا فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والجواب: أمَّا حديث ذي اليدين: فنحن نقول به استحسانًا. وكذلك حديث ابن مسعود، نحمله على الإمام إذا شكَّ- وقلنا: يتحرَّى- بدليل: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جرى له ذلك في حالة الإمامة، وقال لهم ذلك، فكأنَّه علَّم الأئمة ما يصنعون إذا شكُّوا، وهذان الموضعان اللذان استثنيناهما في رأس المسألة. وأمَّا حديث أبي هريرة: ففيه داود بن الحصين، وهو ضعيفٌ، قال ابن حِبَّان: حدَّث عن الثِّقات بما لا يشبه حديث الأثبات، فيجب مجانبة روايته. وأمَّا حديث ابن جعفر: ففيه مصعب بن شيبة، قال أحمد: روى أحاديث مناكير. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ليس بالقويِّ ولا بالحافظ. وأمَّا حديث ثوبان: ففيه إسماعيل بن عيَّاش، وقد سبق القدح فيه. وأما حديث المغيرة: ففيه ابن أبي ليلى، وقد ضعَّفوه. قال أبو بكر الأثرم: لا يثبت حديث ابن جعفر ولا حديث ثوبان، وحديث المغيرة قد رواه ابن عون موقوفًا، وهو أثبت من ابن أبي ليلى. ثُمَّ نحمل أحاديثهم على أحد أمرين: إمَّا أن تكون منسوخة، بدليل قول الزُّهريِّ: كان آخر الأمرين من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّجود قبل السَّلام. والثَّاني: على ما إذا كان السَّهو في أحد الموضعين المستثنيين. ز: داود بن الحصين في حديث أبي هريرة: محتجٌ به في " الصحيحين "، ووثَّقه يحيى بن معين وغيره، وذكره ابن حِبَّان في كتاب " الثِّقات " أيضًا وقال: كان يذهب مذهب الشَّراة، وكلُّ من ترك حديثه على الإطلاق وَهِمَ، لأَنَّه لم يكن داعيةً إلى مذهبه. ويحتمل أن يكون حديث أبي هريرة هذا بعض حديث ذي اليدين، بل الظَّاهر أنَّه مختصرٌ منه، وقد رواه النَّسائيُّ عن قتيبة عن مالك فذكر قصَّة ذي اليدين. وأمَّا حديث عبد الله بن جعفر: فرواه إمام الأئمة ابن خزيمة في " صحيحه ": 980- ثنا أبو موسى ثنا روح ثنا ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن مسافع أنَّ مصعب بن شيبة أخبره عن عقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفرعن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من نسي شيئًا من صلاته فليسجد سجدتين وهو جالسٌ". قال ابن خزيمة: هكذا قال لنا أبو موسى: (عن عقبة بن محمد بن الحارث)، وهذا الشَّيخ يختلف أصحاب ابن جريج في اسمه، قال حجَّاج بن محمد وعبد الرَّزَّاق: (عن عتبة بن محمد) وهذا هو الصَّحيح علمي. 981- وقال الطَّبرانيُّ: ثنا إدريس بن جعفر العطَّار ثنا روح بن عبادة، (ح) قال الطَّبرانيُّ: وثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا يحيى بن معين ثنا حجَّاج بن محمد، كلاهما عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن مسافع عن مصعب ابن شيبة عن عُقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من شكَّ في شيءٍ من صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلِّم". ورواه الإمام أحمد أيضًا: عن روح بن عبادة؛ وعن عليِّ بن إسحاق عن ابن المبارك، ولم يذكر مصعب بن شيبة في هذه الرِّواية. ورواه أبو داود عن أحمد بن إبراهيم عن حجَّاج بن محمد بإسناده، غير أنَّ عنده: عتبة بن محمد. ورواه النَّسائيُّ عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن حجَّاج، وعن هارون بن عبد الله عن حجَّاج وروح، وعن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك، وعن محمد بن هاشم البعلبكِّيِّ عن الوليد، جميعًا عن ابن جريج عن عبد الله بن مسافع عن عتبة بن محمد، ولم يذكر مصعبًا. وعتبة بن محمد: قال النَّسائيُّ فيه: ليس بمعروف. قال: وقيل: عقبة. وذكره ابن حِبَّان في كتاب " الثِّقات "، وقال الإمام أحمد: أخطأ روح في قوله: (عقبة) إنَّما هو (عتبة). ومصعب بن شيبة: روى له مسلمٌ في " صحيحه "، وتكلَّم فيه غير واحدٍ. وقال البيهقيُّ: إسناد هذا الحديث لا بأس به. وأمَّا حديث ثوبان: فرواه أبو داود عن عمرو بن عثمان والرَّبيع بن نافع وعثمان بن أبي شيبة وشجاع بن مَخْلد، أربعتهم عن إسماعيل بن عيَّاش عن عبيد الله بن عُبيد الكَلاعيِّ عن زهير بن سالم العَنْسيِّ عن عبد الرَّحمن بن جُبير بن نُفير- قال عمرو وحده: عن أبيه- عن ثوبان، ولم يقل: (عن أبيه) غير عمرو. ورواه ابن ماجه عن عثمان بن أبي شيبة بإسناده ولم يقل: (عن أبيه). وزهير بن سالم العَنْسيُّ- بالنون-: كنيته أبو المخارق، وهو شاميٌّ، ذكره أبو حاتم ابن حِبَّان في كتاب " الثِّقات "، ولم يرو له أبو داود وابن ماجه غير هذا الحديث. وقال البيهقيُّ: في إسناده ضعفٌ. وقد رواه عبد الرَّزَّاق عن إسماعيل بن عيَّاش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عبد الرَّحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن ثوبان. وأمَّا ابن أبي ليلى في حديث المغيرة: فلم يضعِّفه الكلُّ، بل ضعَّفه غير واحد كالقطَّان، وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدق، كان سيء الحفظ. وقال أبو زرعة: صالحٌ، ليس بالقويِّ. وقد روى حديثه هذا أبو عيسى التِّرمذيُّ عن أحمد بن منيع عن هُشيم عنه، ولفظه: ثُمَّ سجد سجدتي السَّهو وهو جالسٌ. ولم يقل بعد التَّسليم. ثُمَّ قال التِّرمذيُّ: قد تكلَّم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قبل حفظه، قال أحمد: لا يحتجُّ بحديث ابن أبي ليلى. وقال محمد بن إسماعيل: ابن أبي ليلى صدوقٌ ولا أروي عنه، لأنَّه لا يدري صحيح حديثه من سقيمه O.
وقال الشَّافعيُّ: لا يرجع، ويبني على يقين نفسه. وقال أبو حنيفة: يرجع إلى قول واحد. لنا: حديث ذي اليدين، وقد تقدَّم بإسناده، وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرجع إلى قوله وحده، ورجع إلى قول أبي بكر وعمر. ز: قوله: (بكلِّ حالٍ) يعني سواء غلب على ظنِّه صواب قولهما أو خلافه، فأمَّا إن كان الإمام على يقين من صواب نفسه لم يجز له متابعتهم. وقال أبو الخطََّاب: يلزمه الرُّجوع كالحاكم يحكم بالشَّاهدين، ويترك يقين نفسه. قال صاحب " المغني ": وليس بصحيحٍ، لأَنَّه يعلم خطأهم فلا يتبعهم في الخطأ، وكذا نقول في الشَّاهدين، متى علم الحاكم كذبهما لم يجز له الحكم بقولهما، لعلمه انَّهما شاهدا زورٍ، ولا يحلُّ الحكم بقول الزُّور، ولأنَّ العدالة اعتبرت في الشَّهادة ليغلب على الظَّنِّ صدق الشُّهود، وردَّت شهادة غيرهم لعدم ذلك، فمع يقين الكذب أولى أن لا تقبل O.
وقال أبو حنيفة: إن سجد في الخامسة أتمَّها وأضاف إليها أخرى، فإن كان قعد في الرَّابعة فقد تمَّ ظهره، والرَّكعتان نافلة، وإن لم يكن قعد فالجميع نفل. لنا: حديث ابن مسعود أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى خمساً، فقيل له فسجد. وقد سبق بإسناده، والحُجَّة فيه: أَنَّه لم يضف إلى الخامسة شيئًا ولا أعاد.
وقال أبو حنيفة والشَّافعيُّ: لا يسجد إلا للتَّشهُّد الأوَّل والقنوت. لنا: حديث ثوبان: "لكلِّ سهوٍ سجدتان". وقد سبق بإسناده.
وعنه: لا يسجد، كقول أكثرهم. لنا: حديث ثوبان المتقدِّم.
وقال الشَّافعيُّ: يسجد. لنا: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل سجود السَّهو ترغيماً للشَّيطان- على ما ذكرناه في حديث أبي سعيد، وقد تقدَّم بإسناده-، وهذا يختصُّ بالسَّهو.
ووافقنا مالك إذا كان عن نقصان. وقال الشَّافعيُّ: هو مسنونٌ. لنا: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر به بقوله: "من شكَّ في صلاته فليسجد". وقد ذكرناه في حديث عبد الرَّحمن بن عوف وابن مسعود.
وعنه: يسجد وإن خرج وتباعد. وقال أبو حنيفة: لا يسجد بعد الكلام والخروج. وقال الشَّافعيُّ: إن ذكر قريبًا سجد، وإن تباعد فعلى قولين. لنا: حديث ابن مسعود، وأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد بعد السَّلام والكلام، وقد سبق.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز عند طلوع الشَّمس وزوالها وغروبها. لنا ثلاثة أحاديث: 982- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا يزيد بن هارون أنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصلِّيها إذا ذكرها". أخرجاه في " الصَّحيحين". 983- الحديث الثَّاني: قال مسلم بن الحجَّاج: ثنا حرملة بن يحيى أنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من نسي الصَّلاة فليصلِّها إذا ذكرها". 984- الحديث الثَّالث: قال التِّرمذيُّ: ثنا قتيبة ثنا حمَّاد بن زيد عن ثابت البُنَانيِّ عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا نسي أحدكم صلاةً أو نام عنها فليصلِّها إذا ذكرها". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. ز: 985- عن أبي قتادة قال: ذكروا للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نومهم عن الصَّلاة، قال: "إنه ليس في النَّوم تفريط، إنَّما التَّفريط على من لم يصلِّ الصَّلاة حتى يجيء وقت الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلِّها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلِّها عند وقتها". رواه مسلم هكذا، وقيل: إنَّ قوله: (إذا كان الغد فليصلِّها عند وقتها) وهمٌ من عبد الله بن رباح الذي روى عن أبي قتادة، أو من أحد الرُّواة في إسناد حديثه، والله أعلم. وفي آخر حديث أبي قتادة: قال عبد الله بن رباح: إنِّي لأحدِّث هذا الحديث في مسجد الجامع إذ قال عمران بن حُصين: انظر أيُّها الفتى كيف تحدِّث! فإنِّي أحد الرَّكب تلك الليلة. قال: قلت: فأنت أعلم بالحديث. فقال: ممَّن أنت؟ قلت: من الأنصار. قال: حدِّث، فأنتم أعلم بحديثكم. قال: فحدَّث القوم، فقال عمران: لقد شهدت تلك الليلة، وما شعرت أنَّ أحدًا حفظه كما حفظته! وحُكي عن البخاريِّ أنَّه قال: لا يتابع في قوله: (فليصلِّ إذا ذكرها ولوقتها من الغد) O. احتجُّوا بخمسة أحاديث: 986- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا بَهْز ثنا أبان عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس قال: شهد عندي رجالٌ مرضيُّون، وأرضاهم عندي عمر، أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: "لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشَّمس، ولا صلاة بعد صلاة الصُّبح حتى تطلع الشَّمس". أخرجاه في " الصَّحيحين". 987- الحديث الثَّاني: قال أحمد: وثنا يحيى ثنا هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: أخبرني ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تتحرَّوا بصلاتكم طلوع الشَّمس ولا غروبها، فإنَّها تطلع بين قرني شيطان، فإذا طلع حاجب الشَّمس فلا تصلُّوا حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشَّمس فلا تصلُّوا حتى تغيب". أخرجاه في " الصَّحيحين". 988- الحديث الثَّالث: قال يحيى بن يحيى: أنا عبد الله بن وهب عن موسى بن عُلَيٍّ عن أبيه قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: ثلاث ساعات كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهانا أن نصلِّي فيهن أو نَقْبُر فيهن موتانا: حين تطلع الشَّمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظَّهيرة حتى تميل الشَّمس، وحين تضيَّف الشَّمس للغروب حتى تغرب. انفرد بإخراجه مسلمٌ عن يحيى بن يحيى. 989- الحديث الرَّابع: أخرجه في أفراده أيضًا من حديث عمرو بن عَبَسَة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "صلِّ الصُّبح ثُمَّ أقصر عن الصَّلاة حتى تطلع الشَّمس، فإذا طلعت فلا تصلِّ حتى ترتفع، فإنَّها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفَّار، [ثم صلِّ حتى تصلِّي العصر، ثم أقصر عن الصَّلاة حتى تغرب الشَّمس، فإنَّها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفَّار]". 990- الحديث الخامس: أخرجه في أفراده من حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصَّلاة بعد الفجر حتى تطلع الشَّمس، وبعد العصر حتى تغرب الشَّمس. وهذا كلُّه محمولٌ على النَّافلة بأدلَّتنا. ز: حديث أبي هريرة: لم ينفرد بإخراجه مسلم، بل رواه البخاريُّ أيضًا. 991- وأخرجاه في " الصَّحيحين " من حديث أبي سعيد الخدريِّ أيضًا قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا صلاة بعد الصُّبح حتى تطلع الشَّمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشَّمس " O.
وعنه: الجواز فيما لها سبب، كقول الشَّافعيِّ. لنا: الأحاديث المتقدِّمة. 992- وقال التِّرمذيُّ: ثنا عقبة بن مكرم العَمِّيُّ ثنا عمرو بن عاصم ثنا همَّام عن قتادة عن النَّضر بن أنس عن بَشير بن نَهِيك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من لم يصلِّ ركعتي الفجر، فليصلِّهما بعد ما تطلع الشَّمس". فإن قالوا: قد قال التِّرمذيُّ: هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن عاصم. قلنا: عمرو ثقةٌ، أخرج عنه البخاريُّ في " صحيحه". ز: ورواه الحاكم وقال: على شرطهما. ولفظه: "من لم يصلِّ ركعتي الفجر حتى تطلع الشَّمس فليصلِّهما " O. احتجُّوا: 993- بما روى التِّرمذيُّ: ثنا محمد بن عمرو السَّوَّاق ثنا عبد العزيز بن محمد عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن جدِّه قيس- وهو ابن عمرو ابن سهل- قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقيمت الصَّلاة، فصلَّيت معه الصُّبح، ثُمَّ انصرف، فوجدني أُصلِّي، فقال: "مهلاً يا قيس، أصلاتان معًا؟! " قلت: يا رسول الله، إنِّي لم أكن ركعتُ ركعتي الفجر. قال: "فلا إذًا". والجواب: قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ لا نعرفه إلا من حديث سعد بن سعيد، وإسناده ليس بمتصل، محمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس. قلت: قال أحمد بن حنبل: سعد بن سعيد ضعيفٌ. وقال ابن حِبَّان: لا يحلُّ الاحتجاج به. ز: وروى هذا الحديث الإمام أحمد وابن ماجه وأبو داود، ولفظه: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يصلِّي بعد صلاة الصُّبح ركعتين، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صلاة الصُّبح ركعتان!". فقال الرَّجل: إنِّي لم أكن صلَّيت الرَّكعتين اللتين قبلهما، فصلَّيتهما الآن. فسكت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وإسناد الحديث ليس بمتَّصلٍ. قاله الإمام أحمد والتِّرمذيُّ. وسعد بن سعيد: هو أخو يحيى وعبد ربِّه، وقد روى له مسلم في " صحيحه "، وقال ابن معين: صالح. وقال محمد بن سعد: كان ثقةً، قليل الحديث. وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ. ولم يتكلَّم فيه ابن حِبَّان، بل ذكره في كتاب " الثِّقات " وقال: كان يخطئ. وإنَّما تكلَّم في سعد بن أبي سعيد المقبريِّ O.
وقال الشَّافعيُّ: لا يكره. لنا: عموم النَّهي في الأحاديث المتقدِّمة. ولهم: 994- ما روى الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن مخلد ثنا عليُّ بن حرب ثنا سعيد بن سالم القدَّاح عن عبد الله بن المؤمّل المخزوميِّ عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال: قدم أبو ذرٍّ فأخذ بعضادة باب الكعبة، ثمَّ قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يصلِّينَّ أحدٌ بعد الصُّبح إلى طلوع الشَّمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشَّمس إلا بمكَّة". يقول ذلك ثلاثًا. والجواب: أنَّ هذا الحديث لا يصحُّ، قال أحمد: أحاديث ابن المؤمَّل مناكير. وقال يحيى: هو ضعيف الحديث. ز: وروى هذا الحديث الشَّافعيُّ وغيره عن عبد الله بن المؤمَّل. وقال البيهقيُّ: وهذا الحديث يُعدُّ في أفراد عبد الله بن المؤمَّل، وهو ضعيفٌ، إلا أنَّ إبراهيم بن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميد، وأقام إسناده: 995- أخبرناه أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة أنا أبو محمد أحمد ابن إسحاق بن شيبان بن البغداديُّ الهرويُّ بها أنا معاذ بن نجدة ثنا خلاَّد بن يحيى ثنا إبراهيم []- هو ابن طهمان- ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال: جاءنا أبو ذرٍّ فأخذ بحلقة الباب، ثُمَّ قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول- بأذنيَّ هاتين-: "لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشَّمس، ولا بعد الفجر حتى تطلع الشَّمس، إلا بمكَّة، إلا بمكَّة، إلا بمكَّة". قال البيهقيُّ: حميد الأعرج ليس بالقويِّ، ومجاهدٌ لا يثبت له سماعٌ من أبي ذرٍّ، وقوله: (جاءنا) يعني جاء بلدنا، والله أعلم. 996- وقد روي من وجه آخر عن مجاهد: أنا أبو سعد المالينيُّ أنا أبو أحمد ابن عَدِيٍّ ثنا محمد بن يونس العُصفُرِيُّ ثنا محمد بن موسى الحَرَشيُّ حدَّثني اليسع بن طلحة القرشيُّ من أهل مكَّة قال: سمعتُ مجاهدًا يقول: بلغنا أنَّ أبا ذرٍّ قال: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخذٌ بحلقتي الكعبة، يقول ثلاثًا: "لا صلاة بعد العصر إلا بمكَّة". قال البيهقيُّ: اليسع بن طلحة ضعَّفوه، والحديث منقطع، مجاهدٌ لم يدرك أبا ذرٍّ، والله أعلم. وسيأتي حديث جبير بن مطعم في المسألة التي بعد هذه، وهو حجَّة الشَّافعيِّ على أنَّ النَّفل في أوقات النَّهي بمكَّة لا يكره. 997- وعن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا صلَّى عند هذا البيت، أيَّة ساعة شاء من ليلٍ أو نهارٍ". رواه الدَّارَقُطْنِيُّ. 998- وروى أيضًا من رواية أبي الوليد العدنيِّ عن رجاء أبي سعيد عن مجاهد عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يا بني عبد المطلب- أو: يا بني عبد مناف-، لا تمنعوا أحدًا يطوف بالبيت ويصلِّي، فإنه لا صلاة بعد الصُّبح حتى تطلع الشَّمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشَّمس، إلا عند هذا البيت، يطوفون ويصلُّون". قال الشَّيخ الضِّياء: أبو الوليد العدنيُّ: لم أر له ذكرًا في " الكنى " لأبي أحمد الحاكم. ورجاء بن الحارث أبو سعيد المكيُّ: ضعَّفه يحيى بن معين O.
وقال أبو حنيفة: تكره. 999- قال النَّسائيُّ: أنا محمد بن منصور، وقال التِّرمذيُّ: ثنا عليُّ ابن خَشْرَم، قالا: أنا سفيان بن عيينة عن أبي الزُّبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مُطعم أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلَّى، أيَّة ساعة شاء من ليلٍ أو نهارٍ". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. ز: ورواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وأبو حاتم البستيُّ من رواية أبي الزُّبير عن عبد الله بن باباه. ورواه الإمام أحمد أيضًا عن يعقوب عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن عبد الله بن باباه، ويقال فيه: (ابن بابيه)، ويقال: (ابن بابي)، وهو مكيٌّ. قال أبو الحسن محمد بن أحمد بن البرَّاء: قال عليُّ بن المدينيِّ: عبد الله ابن بابيه، من أهل مكَّة، معروفٌ، ويقال له أيضًا: ابن باباه. وقال البخاريُّ: عبد الله بن باباه- ويقال: ابن بابي-. وقال عباس الدُّوريُّ عن يحيى بن معين: هؤلاء ثلاثة مختلفون. قال ابن البرَّاء: والقول عندي ما قال ابن المدينيِّ والبخاريُّ، لا ما قال يحيى بن معين. وقال النَّسائيُّ: عبد الله بن باباه: ثقةٌ. 1000- وقال ابن عَدِيٍّ: ثنا جعفر بن أحمد بن عاصم ثنا هشام بن عمَّار ثنا مروان بن معاوية ثنا سعيد بن أبي راشد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشَّمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشَّمس، من طاف فليصلِّ، أي حينٍ طاف". قال ابن عَدِيٍّ: وهذا يرويه عن عطاء: سعيدٌ، وزاد في متنه: (من طاف فليصلِّ أي حين طاف). قال: وهو يحدِّث عن عطاء وغيره بما لا يتابع عليه. وقال البيهقيُّ: وذكره البخاريُّ في " التَّاريخ " وقال: لا يتابع عليه O.
وقال الشَّافعيُّ: لا يكره. لنا: عموم النَّهي في الأحاديث المتقدِّمة. وللشَّافعيِّ: 1001- حديث رواه أبو داود: ثنا محمد بن عيسى ثنا حسَّان بن إبراهيم عن ليث عن مجاهد عن أبي الخليل عن أبي قتادة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّه كره الصَّلاة نصف النَّهار إلا يومَ الجمعة، وقال: "إنَّ جهنم تُسْجَرُ، إلا يوم الجمعة". قال أبو داود: هو مرسل، أبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة. قلت: وليثٌ ضعيفٌ بمرَّةٍ. ز: 1002- وعن أبي خالد الأحمر عن شيخ من أهل المدينة يقال له: عبد الله عن سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تحرم- يعني الصَّلاة- إذا انتصف النَّهار كلَّ يومٍ، إلا يوم الجمعة". رواه البيهقيُّ، ورواه أيضًا من رواية الإمام الشَّافعيِّ عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد عن أبي هريرة. وإبراهيم بن محمد هو: ابن أبي يحيى الأسلميُّ، وقد كذَّبه مالك ويحيى القطَّان ويحيى بن معين وغيرهم O.
وقال أكثرهم: لا تحرم إلا بعد صلاة الفجر. لنا حديثان: 1003- الحديث الأوَّل: قال التِّرمذيُّ: ثنا أحمد بن عَبْدة الضَّبِّيُّ ثنا عبد العزيز بن محمد عن قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة عن يسار- مولى ابن عمر- عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين". 1004- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا يزيد بن الحسن البَّزار ثنا محمد بن إسماعيل الحسَّانيُّ ثنا وكيع ثنا سفيان ثنا عبد الرَّحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين". قالوا: أمَّا الحديث الأوَّل: فقد قال التِّرمذيُّ: هو غريب، لا نعرفه إلا من حديث قدامة. وأمَّا الثَّاني: فابن أنعم هو: الأفريقيُّ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ليس بقويٍّ. قلنا: أمَّا قدامة: فمعروفٌ، ذكره البخاريُّ في " تاريخه "، وأخرج عنه مسلمٌ في " صحيحه". وأمَّا الأفريقيُّ: فقد قال يحيى بن معين: لا يسقط حديثه. ز: حديث ابن عمر: رواه الإمام أحمد: 1005- ثنا عفان ثنا وهيب ثنا قدامة بن موسى ثنا أيُّوب بن حُصين التَّميميُّ عن أبي علقمة مولى عبد الله بن عباس عن يسار- مولى عبد الله بن عمر- قال: رآني ابن عمر وأنا أصلِّي بعد ما طلع الفجر، فقال: يا يسار، كم صلَّيت؟ قلت: لا أدري. قال: لا دريت، إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج علينا ونحن نصلِّي هذه الصَّلاة، فقال: "ألا ليبلِّغ شاهدكم غائبكم، ألا لا صلاة بعد الصُّبح إلا سجدتان". ورواه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن وهيب، وروى منه ابن ماجه: "ليبلِّغ شاهدكم غائبكم " عن أحمد بن عبدة بإسناد التِّرمذيِّ. قال ابن أبي حاتم: محمد بن حصين التَّميميُّ، وقال بعضهم: أيُّوب ابن حصين، ومحمد أصحُّ. وسُئل عنه الدَّارَقُطَْنِيُّ فقال: يرويه الدَّراورديُّ عن قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة مولى ابن عباس عن يسار مولى ابن عمر عن ابن عمر، وتابعه عمر بن عليٍّ المقدَّميُّ. وخالفهم سليمان بن بلال ووهيب فروياه عن قدامة بن موسى عن أيُّوب ابن الحصين عن أبي علقمة عن يسار عن ابن عمر. ويشبه أن يكون القول قول سليمان بن بلال ووهيب، لأنَّهما ثبتان. فقد اختلف قول ابن أبي حاتم وقول الدَّارَقُطْنِيِّ، والله أعلم بالصَّواب. 1006- وقال الطَّبرانيُّ: ثنا يحيى بن أيُّوب العلاف ثنا سعيد بن أبي مريم أنا يحيى بن أيُّوب حدَّثني محمد بن النّيل أنَّ أبا بكر بن يزيد بن سرجس حدَّثه أنَّ عبد الله بن عمر رأى مولى له- يقال له: يسار- يصلِّي بعد طلوع الفجر، فقال: ما هذه الصَّلاة؟ فقال: شيءٌ بقي عليَّ من حزبي. فقال ابن عمر: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد صلاة الفجر، فقال: "إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتين، فليبلِّغ الشَّاهد الغائب". محمد بن النّيل وشيخه: لا يعرفان. 1007- وقال أبو يعلى الموصليُّ في " مسنده ": "حدَّثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب ثنا يحيى بن أيُّوب عن عبيد الله بن زَحْر عن محمد بن أبي أيُّوب عن أبي علقمة مولى بني هاشم عن عبد الله بن عمر أنَّه رأى مولى له- يقال له: يسار- يصلِّي بعد الفجر فنهاه، فقال: إنَّه بقي من حزبي. فقال له عبد الله: أفلا أخَّرته حتى يكون ذلك من النَّهار؟ ثُمَّ قال عبد الله: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والنَّاس يصلُّون بعد طلوع الفجر، فقال: "إنَّه لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتان". 1008- وقال أبو أحمد بن عَدِيٍّ في ترجمة محمد بن الحارث الحارثيِّ: حدَّثنا عمران بن موسى بن فضالة ثنا بندار ثنا محمد بن الحارث حدَّثني محمد بن عبد الرَّحمن عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا الرَّكعتين قبل المكتوبة". هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فإنَّ محمد بن الحارث الحارثيَّ ومحمد بن عبد الرَّحمن البيلمانيَّ: مجمعٌ على ضعفهما. وقد استوفيت الكلام على طرق حديث ابن عمر هذا في جزءٍ مفردٍ. وأمَّا حديث عبد الله بن عمرو: فلا يصحُّ، والأكثر على تضعيف الأفريقيِّ، وقد رواه جعفر بن عون عنه عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن [عمرو] موقوفًا، ولفظه: لا صلاة بعد أن يصلِّي الفجر إلا ركعتين. 1009- وروى الحسين بن حفص عن سفيان عن عبد الرَّحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيّب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة بعد النِّداء إلا سجدتين- يعني الفجر-". رواه البيهقيُّ وقال: روي موصولاً بذكر أبي هريرة فيه، ولا يصحُّ وصله. والصَّحيح أنَّ النَّهي في الفجر لا يتعلَّق بطلوعه، بل بفعل الصَّلاة، كالعصر، وهذا مذهب الشَّافعيِّ وإحدى الرِّوايتين عن الإمام أحمد. والدَّليل على ذلك: 1010- ما أخرجاه في " الصَّحيحين "- واللفظ لمسلم- عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشَّمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشَّمس". 1011- وروى البخاريُّ عن عمر رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشَّمس، ولا صلاة بعد صلاة الصُّبح حتى تطلع الشَّمس". ورواه الإمام أحمد وأبو داود وقالا فيه: (بعد صلاة العصر). وقد تقدَّم حديث عمرو بن عَبَسة وفيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "صلِّ الصُّبح ثُمَّ أقصر عن الصَّلاة حتى تطلع الشَّمس". رواه مسلمٌ، وفي رواية للإمام أحمد- وهذا لفظه- وأبي داود وابن ماجه: يا رسول الله، علِّمني ممَّا تعلم وأجهل، فهل من السَّاعات ساعةٌ أفضل من الأخرى؟ قال: "جوف الليل الآخر أفضل، فإنَّها مشهودةٌ متقبَّلةٌ حتى تصلِّي الفجر، ثُمَّ الهه حتى تطلع الشَّمس، وما دامت كالحَجَفة حتى تنتشر " O.
وقال أبو حنيفة: تبطل صلاته. لنا ثلاثة أحاديث: 1012- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن الزُّهريِّ عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشَّمس فقد أدركها، ومن أدرك [من] الصُّبح ركعة قبل أن تطلع الشَّمس فقد أدركها، ومن أدرك ركعة من الصَّلاة فقد أدرك الصَّلاة". أخرجاه في " الصَّحيحين". 1013- الحديث الثَّاني: قال أحمد: وثنا زكريا بن عَدِيٍّ ثنا ابن المبارك عن يونس عن الزُّهريِّ قال: حدَّثني عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشَّمس، ومن الفجر قبل أن تطلع الشَّمس فقد أدركها". انفرد بإخراجه مسلمٌ، وليس في حديثه ذكر الفجر. 1014- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن مخلد ثنا العباس بن يزيد ثنا معاذ بن هشام قال: حدَّثني أبي عن قتادة عن عَزْرة بن تميم عن أبي هريرة أنَّ نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا صلَّى أحدكم ركعةً من صلاة الصُّبح، ثُمَّ طلعت الشَّمس فليصلِّ إليها أخرى". ز: رواه النَّسائيُّ عن عمرو بن عليٍّ عن معاذ O. احتجُّوا: 1015- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا عمر بن أحمد بن عليٍّ المروزيُّ ثنا أحمد بن عتيق ثنا محمد بن سنان ثنا همَّام قال: سمعتُ قتادة يحدِّث عن النَّضر بن أنس عن بشير بن نَهِيك عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من صلَّى ركعة من الصُّبح، ثُمَّ طلعت الشَّمس، فليصلِّ الصُّبح". وهذا لا حجَّة فيه، لأنَّ معناه فليتمَّ صلاة الصُّبح، بيانه: 1016- أنَّا قد روينا بهذا الإسناد إلى قتادة عن خِلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من صلَّى ركعةً من صلاة الصُّبح، ثُمَّ طلعت الشَّمس، فليتمَّ صلاته". ز: وروى هذا الحديث الحاكم، فقال: 1017- أنا المحبوبيُّ ثنا أبو النَّضر أحمد بن عتيق المروزيُّ ثنا محمد بن سنان العَوَقِيُّ ثنا همَّام ثنا قتادة عن النَّضر بن أنس عن بشير بن نَهِيك عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من صلَّى ركعة من الصُّبح ثُمَّ طلعت الشَّمس، فليصلِّ الصُّبح". قال الحاكم: على شرطهما إن كان ابن عتيق حفظه، وهو ثقةٌ لكن ثناه أبو إسحاق المزكيُّ ثنا عمر بن عليٍّ الجوهريُّ ثنا أحمد بن عتيق ثنا محمد ثنا همَّام عن قتادة عن خِلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعًا، والإسنادان صحيحان. 1018- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أحمد بن العباس البغويُّ ثنا عبَّاد بن الوليد ثنا عفَّان ثنا همَّام قال: سئل قتادة عن رجلٍ صلَّى ركعةً من صلاة الصُّبح، ثُمَّ طلعت الشَّمس، فقال: حدَّثني خِلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يتمُّ صلاته". ورواه النَّسائيُّ عن أبي داود عن أبي الوليد عن همَّام O.
وعنه: أَنَّه يفعل المغرب، إلا أنَّه يشفعها برابعة. وقال أبو حنيفة: لا يعيد إلا الظُّهر وعشاء الآخرة. وقال الشَّافعيُّ: يعيد الجميع والمغرب ولا يشفعها. 1019- قال الإمام أحمد: ثنا هُشيم أنا يعلى بن عطاء قال: حدَّثني جابر بن يزيد بن الأسود العامريُّ عن أبيه قال: شهدتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجَّته. قال: فصلَّيت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلمَّا قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر المسجد لم يصلِّيا معه، فقال: "عَلَيَّ بهما " فأُتي بهما ترعد فرائصهما، قال: "ما منعكما أن تصلِّيا معنا؟". قالا: يا رسول الله، قد صلِّينا في رحالنا. قال: "فلا تفعلا، إذا صلَّيتما في رحالكما، ثُمَّ أتيتما مسجد جماعة، فصلِّيا معهم، فإنَّها لكما نافلة". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. 1020- قال أحمد: وثنا وكيع ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن ابن مِحْجَن عن أبيه قال: أتيت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في المسجد، فحضرت الصَّلاة، فصلَّى، وقال لي: "ألا صلَّيت؟ " قلت: يا رسول الله، إنِّي قد صلَّيت في الرَّحل، ثُمَّ أتيتك. قال: "فإذا جئت فصلِّ معهم، واجعلها نافلة". وقد روى قومٌ حديث العامريِّ فقالوا: (وليجعل التي صلَّى في بيته نافلة). والصَّحيح جعل هذه نافلة، كذلك رواه المتقنون. ز: حديث يزيد بن الأسود: رواه أبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ. وجابر بن يزيد: وثَّقه النَّسائيُّ. وحديث مِحْجَن: رواه النَّسائيُّ. 1021- وعن أبي ذرٍّ قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخِّرون الصَّلاة عن وقتها- أو يميتون الصَّلاة عن وقتها-". قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صلِّ الصَّلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّ، فإنَّها لك نافلةٌ". رواه مسلمٌ، وفي الباب عن جماعة من الصَّحابة O. احتجُّوا: 1022- بما رواه الإمام أحمد: ثنا يحيى عن حسين بن ذكوان ثنا عمرو ابن شعيب ثنا سليمان مولى ميمونة قال: أتيت على ابنِ عمر ذات يومٍ- وهو بالبلاط- والنَّاس يصلُّون في المسجد، فقلت: ما يمنعك أن تصلِّي مع النَّاس؟ قال: إنِّي قد صلَّيت، إنِّي سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا تصلِّ صلاةً في يومٍ فريضتين". وجواب هذا: أنَّه لا يعتقد وجوب فريضتين، إنَّما تقع الثَّانية نافلة. ز: وروى هذا الحديث أبو داود والنَّسائيُّ وأبو بكر بن خزيمة في " صحيحه " وأبو حاتم بن حِبَّان البستيُّ وأبو القاسم الطَّبرانيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ بطرقٍ عن حسين المعلِّم. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: تفرَّد به حسين المعلِّم عن عمرو بن شعيب، والله أعلم O.
|